بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علامات قبول الطاعـة ...
بعد كل طاعة وعبادة سواءً كانت عمرة ،
حج ، صيام، صلاة، صدقة ،أي عمل صالح
كلنا يردد هتاف علي رضي الله عنه
يقول:
(ليت شعري ، من المقبول فنهنيه، ومن المحروم فنعزيه).
وبعدكل طاعة نردد أيضاً قول ابن مسعود
رضي الله عنه :
(أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك).
ولقد قال علي رضي الله عنه :
(لا تهتمّوا لقِلّة العمل، واهتمّواللقَبول)،
ألم تسمعوا الله عز وجل يقول :
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )
(( المائدة:27).
لا تكن مثل بعض المسلمين، الذين ليسوا حريصين على قبول طاعاتهم ، فإن التوفيق للعمل الصالح نعمة كبرى، ولكنها لا تتم إلا بنعمة أخرى أعظم منها، وهي نعمة القبول.
وإذا علم العبد أن كثيراً من الأعمال ترد على صاحبها لأسباب كثيرة
كان أهم ما يهمه معرفة أسباب القبول ،
فإذا وجدها في نفسه فليحمد الله
، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها
،وإن لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن:
العمل بها بجد وإخلاص لله تعالى.
فما هي أساب القبول أو ما هي علامات المقبولين :
عدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة: فإن الرجوع إلى الذنب علامة مقت وخسران ،
قال يحي بن معاذ :
" من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود،وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود نفصومه عليه مردود ، وباب القبول في وجهه مسدود ".
إن كثيرا من الناس يتوب وهو دائم القول:
إنني أعلم بأني سأعود.. لا تقل مثله..
ولكن قل : إن شاء الله لن أعود
" تحقيقا لاتعليقا"..
واستعن بالله واعزم على عدم العودة..الوجل من عدم قبول العمل:فالله غني عن طاعاتنا وعباداتنا،
قال عز وجل ـ:
(وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنّ َ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
[لقمان: 12]،
وقال تعالى ـ:
(إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْوَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)
[الزمر: 7]
،والمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول .
فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)
[المؤمنون: 60]
أهم الذين يشربون الخمرويسرقون!
قال:
(لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون،وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات).
فعلى الرغم من حرصه على أداء هذه العبادات الجليلات فإنه لا يركن إلى جهده، ولا يدل بهاعلى ربه، بل يزدري أعماله،ويظهر الافتقار التام لعفو الله ورحمته، ويمتلئ قلبه مهابة ووجلاً،
يخشى أن ترد أعماله عليه، والعياذ بالله،
ويرفع أكف الضراعة ملتجئاً إلى الله يسأله
أن يتقبل منه.
التوفيق إلى أعمال صالحة بعدها:
إن علامة قبول الطاعة
أن يوفق العبد لطاعة بعدها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فإن الحسنة تقول:
أختي أختي .
وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله
أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة، وأخلص فيها لله أنه يفتح له باباً إلى حسنة أخرى ليزيده منه قرباً.
فالعمل الصالح شجرة طيبة، تحتاج إلى سقاية ورعاية، حتى تنمو وتثبت، وتؤتي ثمارها،
وإن أهم قضية نحتاجهاأن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها،
فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئاً فشيئاً. وهذه هي الاستقامة التي تقدم الحديث عنها.
استصغار العمل وعدم العجب والغرور به : إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من إعمالٍ صالحة ,فإن عمله كله لايؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها،
ولايقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فإن حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئاً،
حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط ...
لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم،
ويكسلوا عن الأعمال الصالحة. ومما يعين على استصغار العمل: معرفة الله تعالى ، ورؤية نعمه ، وتذكر الذنوب والتقصير.
ولنتأمل كيف أن الله تعالى يوصي نبيه بذلك بعد
أن أمره بأمورعظام
فقال تعالى:
( يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر،وثيابك فطهر. والرجز فاهجر. ولاتمنن تستكثر)
فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري: لاتمنن بعملك على ربك تستكثره.
قال الإمام ابن القيم:
كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبيَّن لك أنّ َ مامعك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله" مدارج السالكين، .
حب الطاعة وكره المعصية: من علامات القبول ،
أن يحبب الله في قلبك الطاعة ,فتحبها وتأنس بها وتطمئن إليها قال تعالى:
(الَّذِينَ آمَنُوا ْ وَتَطْمَئِنُّقُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ ُ الْقُلُوبُ ) الرعد28
ومن علامات القبول أن تكره المعصية والقرب منها وتدعو الله أن يُبعدك عنها
قائلاً: اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي
وكرَّه إليَّ الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين.
الرجاء وكثرة الدعاء:إن الخوف من الله لا يكفي ،
إذ لابد من نظيره وهو الرجاء،لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة
الإنسان وعبادته.
ورجاء قبول العمل- مع الخوف من رده يورث الإنسان تواضعا ًوخشوعاً لله تعالى، فيزيد إيمانه .
وعندما يتحقق الرجاء فإنالإنسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله فإنه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام،
كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال
(( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل مناإنك أنت السميع العليم)
( البقرة:127).
التيسير للطاعة والإبعاد عن المعصية :
سبحان الله إذا قبل الله منك الطاعة يسَّر لك أخرى لم تكن في الحسبان ,بل وأبعدك عن معاصيه ولو اقتربت منها .
قال تعالى:
(فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى {5 وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6 فَسَنُيَسِّرُهُلِلْيُسْرَى{7
وَأَمَّامَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8وَكَذَّبَبِالْحُ سْنَى{9 فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10)4
-10 الليل
حب الصالحين وبغض أهل المعاصي :
من علامات قبول الطاعة أن يُحبب الله إلى قلبك الصالحين أهل الطاعة ويبغض إلى قلبك الفاسدين أهلالمعاصي ،
و لقد الإمام أحمد عن البراء بن عازب
رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال:
((إن أوثق عرى الإيمان أن تحبفي الله وتبغض في الله)).
أعزائي
قل لي من تحب من تجالس؟ من تود؟ أقل لك من أنت، ولله در عطاء الله السكندري حين قال إذا أردتأن تعرف مقامك عندالله فانظر أين أقامك
(والواجب أن يكون حبنا وبغضنا،وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله - سبحانه وتعالى - لا شريك له،ممتثلين قوله، صلى الله عليه وسلم " من أحب لله،وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع الله ،
فقداستكمل الإيمان "
رواه أحمدعن معاذ بن أنس وغيره..
كثرة الاستغفار:
المتأمل في كثير من العبادات والطاعات مطلوبٌ أن يختمها العبد بالاستغفار، فإنه مهما حرص الإنسان على تكميل عم له فإنه لابد من النقص والتقصير، ، فبعد أن يؤدي العبد مناسك الحج قال تعالى
(( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْاللّهَ إِنّ َ اللّهَ غَفُور ٌ رَّحِيمٌ))
( البقرة:199).
وبعد الصلاة علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم
أن نستغفر الله ثلاثاً ، وأهل القيام بعد قيامهم وابتهالهم يختمون ذلك بالاستغفار في الأسحار، قال تعالى
(( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ))
الذاريات18 ،
وأوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم
بقول
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِر ْ لِذَنبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)
محمد19
وأمره أيضاً أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار
فقال:
(إِذَا جَاء نَصْر ُ اللَّه ِ وَالْفَتْحُ {1 وَرَأَيْتَ النَّاسَيَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً {2 فسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابا ً{3) النصر
فكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده:
( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك،اللهم اغفر لي)
رواه البخاري.
المداومة على الأعمال الصالحة:
كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على ا لأعمال الصالحة، فعن عائشة - رضي الله عنها -
قالت :
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته)رواه مسلم.
و أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أحب الأعمال إلى الله أدومهاوإن قل).
متفق عليه.
وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أونوم كتب له أجر ذلك العمل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري ، و هذافي حقمن كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم ما من امرئ تكونله صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته،وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.
أسأل الله جل وتعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين ، ممن تقبل الله صلاتهم و صيامهم وقيامهم وحجهم وجميع طاعاتهم وفرج همي وهمكم وأجاب دعائي ودعاءكم و من عتقائه من النار
تحياتي منقول بتصرف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علامات قبول الطاعـة ...
بعد كل طاعة وعبادة سواءً كانت عمرة ،
حج ، صيام، صلاة، صدقة ،أي عمل صالح
كلنا يردد هتاف علي رضي الله عنه
يقول:
(ليت شعري ، من المقبول فنهنيه، ومن المحروم فنعزيه).
وبعدكل طاعة نردد أيضاً قول ابن مسعود
رضي الله عنه :
(أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك).
ولقد قال علي رضي الله عنه :
(لا تهتمّوا لقِلّة العمل، واهتمّواللقَبول)،
ألم تسمعوا الله عز وجل يقول :
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )
(( المائدة:27).
لا تكن مثل بعض المسلمين، الذين ليسوا حريصين على قبول طاعاتهم ، فإن التوفيق للعمل الصالح نعمة كبرى، ولكنها لا تتم إلا بنعمة أخرى أعظم منها، وهي نعمة القبول.
وإذا علم العبد أن كثيراً من الأعمال ترد على صاحبها لأسباب كثيرة
كان أهم ما يهمه معرفة أسباب القبول ،
فإذا وجدها في نفسه فليحمد الله
، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها
،وإن لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن:
العمل بها بجد وإخلاص لله تعالى.
فما هي أساب القبول أو ما هي علامات المقبولين :
عدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة: فإن الرجوع إلى الذنب علامة مقت وخسران ،
قال يحي بن معاذ :
" من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود،وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود نفصومه عليه مردود ، وباب القبول في وجهه مسدود ".
إن كثيرا من الناس يتوب وهو دائم القول:
إنني أعلم بأني سأعود.. لا تقل مثله..
ولكن قل : إن شاء الله لن أعود
" تحقيقا لاتعليقا"..
واستعن بالله واعزم على عدم العودة..الوجل من عدم قبول العمل:فالله غني عن طاعاتنا وعباداتنا،
قال عز وجل ـ:
(وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنّ َ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
[لقمان: 12]،
وقال تعالى ـ:
(إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْوَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)
[الزمر: 7]
،والمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول .
فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)
[المؤمنون: 60]
أهم الذين يشربون الخمرويسرقون!
قال:
(لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون،وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات).
فعلى الرغم من حرصه على أداء هذه العبادات الجليلات فإنه لا يركن إلى جهده، ولا يدل بهاعلى ربه، بل يزدري أعماله،ويظهر الافتقار التام لعفو الله ورحمته، ويمتلئ قلبه مهابة ووجلاً،
يخشى أن ترد أعماله عليه، والعياذ بالله،
ويرفع أكف الضراعة ملتجئاً إلى الله يسأله
أن يتقبل منه.
التوفيق إلى أعمال صالحة بعدها:
إن علامة قبول الطاعة
أن يوفق العبد لطاعة بعدها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فإن الحسنة تقول:
أختي أختي .
وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله
أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة، وأخلص فيها لله أنه يفتح له باباً إلى حسنة أخرى ليزيده منه قرباً.
فالعمل الصالح شجرة طيبة، تحتاج إلى سقاية ورعاية، حتى تنمو وتثبت، وتؤتي ثمارها،
وإن أهم قضية نحتاجهاأن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها،
فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئاً فشيئاً. وهذه هي الاستقامة التي تقدم الحديث عنها.
استصغار العمل وعدم العجب والغرور به : إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من إعمالٍ صالحة ,فإن عمله كله لايؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها،
ولايقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فإن حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئاً،
حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط ...
لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم،
ويكسلوا عن الأعمال الصالحة. ومما يعين على استصغار العمل: معرفة الله تعالى ، ورؤية نعمه ، وتذكر الذنوب والتقصير.
ولنتأمل كيف أن الله تعالى يوصي نبيه بذلك بعد
أن أمره بأمورعظام
فقال تعالى:
( يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر،وثيابك فطهر. والرجز فاهجر. ولاتمنن تستكثر)
فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري: لاتمنن بعملك على ربك تستكثره.
قال الإمام ابن القيم:
كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبيَّن لك أنّ َ مامعك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله" مدارج السالكين، .
حب الطاعة وكره المعصية: من علامات القبول ،
أن يحبب الله في قلبك الطاعة ,فتحبها وتأنس بها وتطمئن إليها قال تعالى:
(الَّذِينَ آمَنُوا ْ وَتَطْمَئِنُّقُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ ُ الْقُلُوبُ ) الرعد28
ومن علامات القبول أن تكره المعصية والقرب منها وتدعو الله أن يُبعدك عنها
قائلاً: اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي
وكرَّه إليَّ الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين.
الرجاء وكثرة الدعاء:إن الخوف من الله لا يكفي ،
إذ لابد من نظيره وهو الرجاء،لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة
الإنسان وعبادته.
ورجاء قبول العمل- مع الخوف من رده يورث الإنسان تواضعا ًوخشوعاً لله تعالى، فيزيد إيمانه .
وعندما يتحقق الرجاء فإنالإنسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله فإنه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام،
كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال
(( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل مناإنك أنت السميع العليم)
( البقرة:127).
التيسير للطاعة والإبعاد عن المعصية :
سبحان الله إذا قبل الله منك الطاعة يسَّر لك أخرى لم تكن في الحسبان ,بل وأبعدك عن معاصيه ولو اقتربت منها .
قال تعالى:
(فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى {5 وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6 فَسَنُيَسِّرُهُلِلْيُسْرَى{7
وَأَمَّامَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8وَكَذَّبَبِالْحُ سْنَى{9 فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10)4
-10 الليل
حب الصالحين وبغض أهل المعاصي :
من علامات قبول الطاعة أن يُحبب الله إلى قلبك الصالحين أهل الطاعة ويبغض إلى قلبك الفاسدين أهلالمعاصي ،
و لقد الإمام أحمد عن البراء بن عازب
رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال:
((إن أوثق عرى الإيمان أن تحبفي الله وتبغض في الله)).
أعزائي
قل لي من تحب من تجالس؟ من تود؟ أقل لك من أنت، ولله در عطاء الله السكندري حين قال إذا أردتأن تعرف مقامك عندالله فانظر أين أقامك
(والواجب أن يكون حبنا وبغضنا،وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله - سبحانه وتعالى - لا شريك له،ممتثلين قوله، صلى الله عليه وسلم " من أحب لله،وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع الله ،
فقداستكمل الإيمان "
رواه أحمدعن معاذ بن أنس وغيره..
كثرة الاستغفار:
المتأمل في كثير من العبادات والطاعات مطلوبٌ أن يختمها العبد بالاستغفار، فإنه مهما حرص الإنسان على تكميل عم له فإنه لابد من النقص والتقصير، ، فبعد أن يؤدي العبد مناسك الحج قال تعالى
(( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْاللّهَ إِنّ َ اللّهَ غَفُور ٌ رَّحِيمٌ))
( البقرة:199).
وبعد الصلاة علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم
أن نستغفر الله ثلاثاً ، وأهل القيام بعد قيامهم وابتهالهم يختمون ذلك بالاستغفار في الأسحار، قال تعالى
(( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ))
الذاريات18 ،
وأوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم
بقول
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِر ْ لِذَنبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)
محمد19
وأمره أيضاً أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار
فقال:
(إِذَا جَاء نَصْر ُ اللَّه ِ وَالْفَتْحُ {1 وَرَأَيْتَ النَّاسَيَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً {2 فسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابا ً{3) النصر
فكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده:
( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك،اللهم اغفر لي)
رواه البخاري.
المداومة على الأعمال الصالحة:
كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على ا لأعمال الصالحة، فعن عائشة - رضي الله عنها -
قالت :
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته)رواه مسلم.
و أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أحب الأعمال إلى الله أدومهاوإن قل).
متفق عليه.
وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أونوم كتب له أجر ذلك العمل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري ، و هذافي حقمن كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم ما من امرئ تكونله صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته،وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.
أسأل الله جل وتعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين ، ممن تقبل الله صلاتهم و صيامهم وقيامهم وحجهم وجميع طاعاتهم وفرج همي وهمكم وأجاب دعائي ودعاءكم و من عتقائه من النار
تحياتي منقول بتصرف